أوروبا وأفريقيا الفرنكوفونية: واقعٌ موضوعي وتطلعاتٌ واضحة في أمن المعلومات لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة
- يرى 31% من القادة الذين شملهم الاستطلاع في أوروبا أن تعقّب التهديدات وظيفة بدوام كامل، ما يعكس عبئاً تشغيلياً متراكماً وإرهاقاً ناجماً عن فيضٍ من التنبيهات.
- 29% فقط يمتلكون فريقاً مخصصاً لأمن المعلومات، فيما يعهد 35% بهذه المسؤولية إلى قسم تكنولوجيا المعلومات العام لمواجهة التهديدات السيبرانية.
- في أفريقيا الفرنكوفونية، تطلب 40% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في كوت ديفوار و30% في المغرب دعماً خبيراً على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، في دلالة على حاجة متنامية إلى مرافقة تشغيلية مستمرة.
20 أكتوبر 2025
يكشف تقرير كاسبرسكي الأخير بعنوان «أمن المعلومات لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة: فهم الثغرات، سدّ النواقص، وتحديد الأولويات» أن 26% من مسؤولي تكنولوجيا المعلومات في أوروبا يقرّون بأن القيادات التنفيذية في شركاتهم لا تدرك على نحوٍ كافٍ الجدوى التجارية والبعد الاستراتيجي لأمن المعلومات. وتشي هذه الفجوة بوجود تعارضٍ بين الأولويات المعلنة على مستوى مجالس الإدارة ومتطلبات الواقع الفعلي لأنظمة الحماية السيبرانية.
تُهيمن الضغوط التشغيلية على فرق الأمن لدى الشركات الأوروبية؛ فبالنسبة لما يقارب الثلث (31%)، يعدّ تعقّب التهديدات المحتملة عملاً بدوام كامل. ويشعر واحدٌ من كل خمسة (20%) بالإرهاق من كثرة التنبيهات وصعوبة التمييز بين الحوادث الحرجة والإشارات المضللة. ولتفادي مزيدٍ من التعقيد، يقرّ 18% بأن جزءاً معتبراً من وقتهم يُستنزف في معالجة أعطال الأدوات بدلاً من التفرغ للتصدي للهجمات الفعلية. والمحصلة واضحة: جهود كبيرة، لكن أثرها محدود. وتبرز ملاحظة مقلقة أخرى؛ إذ يرى 18% أن بعض حلول الأمن تُبطئ وتيرة العمل أو الإنتاج، بما يعكس عوائق تشغيلية بدأت تلقي بظلالها على الأداء التجاري.
مواجهة التهديدات السيبرانية وممانعة التعتيم الداخلي: هل هما معركتان متلازمتان؟
التهديدات الموجهة إلى الشركات متعدّدة الأوجه. في أوروبا، تتصدر «الأبواب الخلفية» قائمة البرمجيات الخبيثة (24%)، تليها «أحصنة طروادة» (17%)، ثم «الداونلودر غير المصنّف كفيروس» (16%). كما تتسم هذه التهديدات بازدياد وتيرتها وحجم أثرها. فعلى سبيل المثال، أدّت الهجمة التي طالت «جاجوار لاند روفر» في سبتمبر إلى تعليق النشاط لما يقارب شهراً كاملاً، مع خسائر تقدّر بنحو 57 مليون يورو أسبوعياً.
ورغم تلك المؤشرات، يفاقم النقص في صناعة القرار على مستوى الإدارة العليا من تعرّض الشركات وموجوداتها للمخاطر. فأكثر من ربع (26%) من مسؤولي تكنولوجيا المعلومات المستطلعة آراؤهم يؤكدون أن نظراءهم في اللجان التنفيذية لا يستوعبون تماماً الأهمية الاستراتيجية لأمن المعلومات، بما يعرقل مبادرات تعزيز القدرات الدفاعية. ويعرب 21% عن القلق من شحّ الكفاءات المؤهلة، ما يدفع غالبية الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الاعتماد على فرق تكنولوجيا المعلومات العامة (35%) أو على خبراء أمن مدمجين ضمنها (25%). وفي المقابل، لا تمتلك سوى 29% فرقاً مخصصة حصراً لأمن المعلومات، بينما توكل 7% فقط هذه المهمة إلى شركاء خارجيين منخرطين مباشرةً في تصميم المنظومة وإدارتها. والمفارقة أن مستويات الرضا الداخلي مرتفعة: 76% راضون عن خبراء الأمن المدمجين، 72% عن أقسام تكنولوجيا المعلومات عموماً، و81% عن فرق الأمن الداخلي—ما يشي بوجود فجوةٍ بين الأداء المتصوَّر وحجم التعرّض الفعلي للمخاطر.
شمال ووسط وغرب أفريقيا: صورة المشهد وأطر التنظيم
إلى جانب أوروبا، يسلّط التقرير الضوء على اتجاهات بارزة في بلدانٍ عدّة من أفريقيا الفرنكوفونية. ويظهر ضعف الوعي لدى القيادات بأمن المعلومات على نحوٍ أوضح في تونس، حيث يعتبر 47% من صُنّاع القرار غير متمكنين بما يكفي من الموضوع، مقارنةً بـ 28% كمعدلٍ إجمالي في المنطقة. وتنفرد الكاميرون بأكبر فجوة في الكفاءات المؤهلة، إذ يشير 33% إلى نقصها مقابل 24% في المتوسط. أما السنغال فتسجّل أعلى تعرّض لطوفان من تنبيهات الأمان (30% مقابل 23% في المتوسط). وتبقى تونس أيضاً الأكثر ذكراً لغياب منصة موثوقة وميسورة الكلفة (32% مقابل 24% في المتوسط).
وتختلف توقعات المرافقة باختلاف الأسواق. ففي المغرب، تحظى البرامج التوعوية المستدامة وطويلة الأمد بأولوية أكبر (33% مقابل 26% في المتوسط). وفي الوقت ذاته، ترغب 30% من الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة في شريكٍ يتصرف كفريق خبراء خارجي متاح 24/7. وفي الكاميرون، تؤول مسؤولية الأمن غالباً إلى فريق تكنولوجيا المعلومات العام لدى 45% من الشركات، مقابل 37% في المتوسط؛ بينما تميل المؤسسات في تونس إلى امتلاك فريقٍ مخصص لأمن المعلومات بنسبة 42% مقابل 30% في المتوسط. وفي كوت ديفوار، تعتمد 35% من الشركات على فرقٍ داخلية و20% على شركاء خارجيين—أي أكثر من ضعف المتوسط الإقليمي البالغ 9%.
ما الذي تنتظره الشركات الصغيرة والمتوسطة من شريكها المثالي؟
تعكس معايير اختيار الشركاء الموثوقين أولويات محلية متباينة. ففي الكاميرون، يولي 43% أهمية لوضع استراتيجية طويلة الأمد ومفصّلة بحسب الحاجة، مقابل 36% في المتوسط. ويرى 45% أن إرساء أمنٍ أساسي لا يبطئ النشاط يمثل أولوية، مقارنةً بـ 32% في المتوسط. وفي السنغال، تُعد الأدوات المؤتمتة القادرة على الاستجابة الفورية للحوادث ضرورية لدى 45% من المشاركين، مقابل 26% في المتوسط، فيما تتراجع برامج التدريب إلى المرتبة الأخيرة (15% مقابل 26%). أما الاستعانة بفريق خبراء خارجيين متاح على مدار الساعة فتستقطب 40% من الشركات في كوت ديفوار و30% في المغرب، مقابل متوسطٍ إقليمي يبلغ 24%. وفي تونس، تحظى التدخلات المباشرة أثناء الحوادث بتقديرٍ أعلى (30% مقابل 25%). كما تلاقي الشروحات المبسطة رواجاً لافتاً في الكاميرون (27% مقابل 19%). وأخيراً، تبحث السنغال (30%) وتونس (28%) في الغالب عن مستشارٍ موثوق أو «شريك ثقة»، مقابل 19% في المتوسط، فيما يميل السنغال أيضاً إلى تفضيل خبيرٍ خارجي يعمل عملياً كمورد داخلي (25% مقابل 15%).
تؤكد هذه النتائج أن مقاربةً واحدة لا تكفي. فالشركات الصغيرة والمتوسطة في شمال ووسط وغرب أفريقيا تعبّر عن توقعاتٍ محددة لجهة الكفاءات، والتوافر، والأتمتة، والقدرة على التبسيط. ومن ثمّ، ينبغي مواءمة نماذج المرافقة مع السياقات الوطنية المختلفة لتقليص مساحات التعرض للمخاطر مع الحفاظ على استمرارية الأعمال.
«اللافت ليس نقص الأدوات، بل غياب الاتساق. تصل التنبيهات بوتيرةٍ أسرع من وتيرة اتخاذ القرار؛ تتضارب الضوابط والإجراءات، وتتبدّد المسؤوليات تحديداً في اللحظة التي يلزم فيها الانتقال إلى الفعل. في كثيرٍ من الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا يزال أمن اليوميات رهناً بفرق تكنولوجيا المعلومات العامة أو بخبيرٍ واحدٍ يعمل منفرداً. ومع امتلاك 29% فقط فريق أمنٍ متكامل، تظهر الهشاشة عند كل حادثة وعلى امتداد سلسلة اتخاذ القرار. النتيجة: تعرّضٌ صامت، وبطءٌ في معالجة الأولويات، وتشتّتٌ في المعلومات، وتراكمٌ لمشكلاتٍ تشغيلية تتحول إلى مخاطر استراتيجية. من الملحّ أن تُعزّز القيادات فرق الأمن بالاستثمار في الحلول والكوادر المناسبة. وقبل ذلك، عليها الاعتراف بأن أمن المعلومات قضية أعمال بامتياز، وسدّ الفجوة بين أولويات مجلس الإدارة وواقع الميدان»، يعلّق توني أودوان، رئيس قنوات كاسبرسكي في فرنسا.
يتوفر التقرير الكامل «أمن المعلومات لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة: فهم الثغرات، سدّ النواقص، وتحديد الأولويات» عبر الرابط المخصص.
المنهجية
كلّفت كاسبرسكي شركة «أرلينغتون ريسيرش» بإجراء استطلاعٍ عبر الإنترنت خلال أغسطس وسبتمبر 2025 استهدف صُنّاع قرارٍ تضطلع أدوارهم بجوانب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن المعلومات، ويعملون في مؤسساتٍ يقل عدد موظفيها عن 500 موظف في أوروبا وأفريقيا. وبلغ مجموع المقابلات 820 مقابلة مع هذه الفئة—600 في أوروبا و280 في أفريقيا—بواقع 60 مقابلة في كلٍّ من: ألمانيا، النمسا، سويسرا, المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، اليونان، رومانيا، صربيا، المغرب، الجزائر، تونس، والكاميرون؛ و20 مقابلة في كلٍّ من السنغال وكوت ديفوار.
